إنَّ تقديركَ لذاتِكَ يتآكلُ مع كلِّ تنازُل، ولو بدَا ذلك التنازلُ بسيطًا وغير ذي قيمة في لحظة حدوثه. ومثلما تفعل الشقوق الصغيرة في السدِّ، يقودُ كُلُّ تنازُلٍ تُقدِّمُه إلى تنازِلٍ آخر. إنَّ العلاقات لا تنهار في ليلةٍ وضحاها، بل تتحطََّم تدريجيًّا إلى أن تنهارَ تمامًا. فكيف تعرفُ أنَّ الشقوق قد بدأت بإصابة السدِّ؟ ستعرف إذا كنتَ تقول: "لا بأس" أكثر من قولك: "نعم" أو "لا"؛ أو إذا كنت تستوعبُ تفضيلات الآخرين وتتنازل لهم حتَّى تفقد قدرتكَ على تمييز تفضيلاتِك أنت؛ أو إذا كنت تتضاءلُ كي تُناسِبَ المساحة الصغيرة التي يضعُكَ فيها غيرُك. والمُحصّلة أنَّك كلَّما عجزت عن قَول: "لا" فقدتَ جزءًا من قوَّتك. وإن عشتَ عاجزًا عن التصرُّف وفقًا لقيمِكَ، غيرَ قادر على ضمانِ عيشةٍ هانئةٍ صرتَ عُرضةً للتلاعب، وصار ضميرُكَ قابلًا للشراء مِن قِبَل أولئك الذين لا يقبلون الرفض. إنّ رسالتي هذه لا تهدِفُ إلى تشجيعك على أخذ زمام المبادرة فحسب، وقَولِ: "لا" لكي تسعَدَ في حياتِك، بل تهدفُ أيضًا إلى تجنيبِكَ مستقبلًا قد تتحوَّل فيه إلى شخصٍ غريبٍ، لا لشيءٍ إلّا لأنَّك لم تستطع قولَ: "لا".