كتبت هذه السطور على مدى سنوات متفرقة، سنوات فيها تجارب وحيوات متباينة، بيني وبين كثير من ذكرياتها جدار من زجاج، قريبة بعيدة، وما ظننت حين بدأت أكتب أنني سأنشرها يومًا ما، ولم يكن يقرؤها إلا أصدقائي المقربين ممن أخصهم بمشاركة بعضها، أو قراء المدونة العابرين.
أريد أن أضعك في السياق الصحيح: بين بعض فصول هذه الكتابات عقد من الزمان، تغير خلالها الكاتب والكتابة وتغير كذلك الزمان، ولم أسع بعد ذلك إلى وضعها في عقد منتظم، بل تركتها كما هي، أستغفر الله، لم أتركها تمامًا كما هي، بل محوت الكثير مما ظنت أنه يستحق المحو، حاولت قدر الإمكان أن أغفل الجانب الفكري حتى يبقى الجانب الإنساني البسيط بلا مكدرات،
ستكون هذه السطور قريبة ممن يدرس الطب أو جرب الغربة وعاش تجربة الابتعاث، لكنني أظن كذلك أنها ستكون قريبة من أي قارئ، فهي سطور أقرب ما تكون إلى الأحاديث المسموعة "والسواليف" العابرة،
ستجد في أولها أحاديثَ غريب عن عالم جديد، ثم أحاديث متوالية واستطرادات لم يكن يدفع إليها أحيانًا إلا الهرب إلى الكتابة، فأحاديث عن الكتب والقراءة وشيء من الأسفار، وهي كتابات سارت في الغالب بلا خطام ولا زمام، حاولت كما سترى أن أضع "نجمات" بين الصفحات، لكنها في الحقيقة أقرب ما تكون إلى الفصول الوهمية، حتى أعين القارئ على هذه السطور فيسلم من الملل والسآمة.